أودعت محكمة جنايات القاهرة حيثيات حكمها في الحكم الصادر بمعاقبة جمال اللبان مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة بالسجن المؤبد وتغريمه 2مليون جنيه وعزله من وظيفته ومصادرة مبلغ مليون و239 ألف و155 جنيه.
كما قضت بإعفاء كل من (رباب.أ.ع) وزوجها (مدحت. ع.ش) و(محمد.أ. ش) «الوسيط» من العقوبة، بالاستناد إلى أقوال الشهود من هيئة الرقابة الإدارية واعترافات المتهمين الذي قضت المحكمة بإعفائهما من العقاب لاعترافهما تفصيليا أمام النيابة العامة وأمام هيئة المحكمة وما قرره المتوفى وائل شلبي بالتحقيقات.
وقالت المحكمة برئاسة المستشار حمدي الشنوفي رئيس الهيئة وعضوية المستشارين محمد رأفت الطيب ومصطفى الحميلي أنه وفقا لنص المادة 107 مكرر أنه يعفى الراشي والوسيط من العقوبة إذا اخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها وتنوه المحكمة إلى أن الإعفاء من العقاب ليس اباحه للفعل أو محو المسؤولية الجنائية بل هو مقرر لمصلحة الجانى التي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسؤولية الجنائية واستحقاق العقاب.
وأشارت الحيثيات إلى أن إدانة جمال اللبان في جريمة الرشوة بحسبان أن عقوبتها هي العقوبة الأشد فالمحكمة تقضي بعزله من وظيفته عملا بنص المادة 25 من قانون العقوبات، ومن ثم لم تر المحكمة معاملته بالرأفة وهو ما يتأبى على حكم العقل والمنطق ولا يتصور اتجاه إرادة المشرع إليه أو أن يكون قد قصده.
وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أنه استقر في يقينها واطمأن إليها وجدانها استخلاصًا من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة حاصلها أن المتهم الأول جمال اللبان مدير الإدارة العامة للتوريدات تولى عمله بموجب قرار أمين عام مجلس الدولة وكان من اختصاصه الوظيفي الإشراف على تلقي احتياجات إدارة وفروع مجلس الدولة من الأثاث المكتبي والإشراف على تشكيل اللجان الخاصة بالشراء والفحص والتسلّم وهذا ثابت بالكتاب الوارد من مجلس الدولة.
وأضافت الحيثيات بأن وائل سعيد أبورواش شلبي أمين عام مجلس الدولة السابق الذي توفى في محبسه تدرج بالوظائف الإدارية بمجلس الدولة إلى أن صار مدير للإدارة العامة للمشتريات به أتاه الله بسطه في الرزق والمال والسلطات اذ بوأه الله منصبًا رفيعًا في صرح قضائي كبير لطالما تحدث القائمون عليه ورجال القضاء أنه حصن من حصون الحقوق والحريات تولى وائل شلبي فيه منصب أمينه العام على حداثة عهده بالعمل القضائي بالنسبة لأقرانه وهو منصب يغبطه عليه من هم دونه درجة بحسب أقدميته ومن أهم ما يجب أن يتصف به القاضي أن يعدل بين المتخاصمين ولا يقبل رشوه على حكم لقول النبى صلى الله عليه وسلم لعنه الله على الراشي والمرتشي في الحكم – وألا يقبل هدية ممن لم يكن يهاديه قبل توليته القضاء لقوله عليه الصلاة والسلام من استعملناه على عمل فرزقناه فما أخذه بعد ذلك فهو غلول «غلول أي سرقة».
وقالت الحيثيات إنه لولا وفاة «شلبي» لكان هو المتهم الأول في القضية فهو الشريك الأهم والفاعل الأكبر ورأت المحكمة أن تمسه بذكر مشاركته وقدر أفعاله ودوره في وقائعها التي دارت رحاها بعلمه وإرادته كونه هو الإمام في الدعوى وما كان كل ذلك ليحدث لولا تخليه عن دوره ورقابته وحسن إدارة ومتابعة مرؤوسيه وكان على المتوفى وائل شلبي وهو القاضي والأمين العام أن يخط في لوح الصرح الذي ينتمي إليه سطرًا ويُثَبِتَ في بنيان كيانه حجرًا ويترك بفعله الطيب أثرًا يُحدِثُ له بين أقرانه ذكرًا وفخرا وإتمام جميل عمل ينتفع به خلفه لكنه خرج عن مألوف البواعث وأن ما اتاه المتوفى وائل شلبي والمتهم الأول لبدعة فهي ضلالة وقد غلب عليهما ولع التبطل وغواية الاستعظام وظنا أنهما في الحياة أحرارا من قيود النظام والقانون فخرجا عليه وظنا نفسيهما أنهما بالغين في المتعة بملذات العيش الحظ الأوفر على إلا يقاسما الناس تكاليف العيش ومكابده الحياة وكان يجب على المتوفى إزاء ما انعم الله به عليه أن يسجد لله شاكرًا لنعمته التي حباه إياها وأن يؤدي حق شكر النعمة بواجب حسن أداء العمل وظهور أثر نعمة الله على لسانه ثناءًا وطاعةً وأن يؤدي عمله بأمانة وصدق وبالحق وبعدل أقسم على أن يؤدي عمله به وعلى أساس منه بيد أنه بدلا من أنه توجه لمنحى آخر لا يليق بمقامه ومكانته وبالصرح الذي ينتمي إليه ولا يتفق أبدًا مع ما أؤتمن عليه من أمانة مطلقًا لشيطان نفسه العنان فعاث في الصرح وفي الأرض مفسدًا وللأمانة مبددًا ولحرمة الأعراض منتهكًا
وأشارت الحيثيات إلى أن المتهمة «رباب» صاحبة مؤسسة السيف للتوريدات وزوجها المتهم الثالث صاحب مؤسسة الخلود لتوريد الأثاث المكتبي –وحدث أن تعرفت رباب على جمال اللبان وعلى المتوفى وائل شلبي إبان عملها بشركة عُهِدَ إليها توريد أثاث مكتبي لمجلس الدولة وطلب كل منهما إقامة علاقة جنسية معها على سبيل الرشوة، وقبلت هي تلك العلاقة وقامت بمواقعة الاثنين من أجل الإخلال بواجبات وظيفة كل منهما، وإثر ذلك علمت من جمال اللبان عزم المتوفى وائل شلبي ترسية مناقصة لتوريد أثاث مكتبي لمقري مجلس الدولة.
وأوضحت الحيثيات أن المتهمة رباب وزوجها قدما أختاما ومطبوعات خاصة بشركتهما لجمال اللبان ليتولى إعداد مظروف مالي وآخر فني لتقديمهما في مناقصة صورية أجريت، وتمت ترسيتها بمعرفة المتهم الأول والمتوفى وائل شلبي على مؤسسة الخلود للأثاث المكتبي ملكها وزوجها المتهم الثالث ثم بادر المتهم الأول باستصدار شيك لأمر مؤسسة الخلود بمبلغ مليون وستمائة وخمسة وستون ألف جنيه قيمة أمر التوريد قبل أن يتم توريد شيء حيث قام المتهم الثالث بصرف قيمته من بنك الاستثمار وسلم قيمته للمتهم الأول بواسطة المتهم الرابع وقام المتهم الأول والمتوفى باحتجاز قيمة الشيك حتى قدمت المتهمة الثانية نفسها رشوة جنسية لكل منهما كطلبهما السابق واتفاقهما بأن بادر كل منهما بمواقعتها مقابل إسناد تلك الأعمال إليها بأسعار تزيد عن قيمتها وصرف المستحقات عنها قبل توريدها.
وأشارت الحيثيات إلى أنه ثابت من الأوراق أنه عند ضبط المتهمين الثلاثة الأول وتفتيش مسكنهم فتم ضبط المتهم الأول وبحوزته 24896315 جنيه أربعة وعشرون مليون وثمانمائة وستة وتسعون ألف وثلاثمائة وخمسة عشر جنيه، ومبلغ أربعة ملايين وستون ألف وسبعمائة واثنين وثمانون دولار، ومبلغ اثنين مليون وسبعة آلاف وثمانمائة يورو، ومبلغ مليون ومائتان وسبعة وثلاثون ألف وسبعمائة وثمانية وخمسون ريال سعودي ومشغولات ذهبية والعديد من الخطابات الموجهة لمجلس الدولة للعام المالي 2016 – 2017 وهي تسع مناقصات وشيكات مسحوبة على حساب مجلس الدولة وفواتير مختومة على بياض بأكلاشيه لإحدى الشركات وفواتير مختومة على بياض لشركة أخرى ب الشرعي أن المتهم الأول جمال الدين اللبان هو الكاتب بخط يده صلبًا محضر الفحص المؤرخ 26-11-2016 والإمضاءات الثابتة عليه وقد ثبت إصرار اللبان والمتوفى وائل شلبي على الإخلال بواجبات وظيفة كل منهما وحصلا على المبالغ المالية السالف بيانها لقاء ذلك وحصلا على جعل آخر لقاء ذلك الإخلال هو مواقعة المتهمة الثانية، ومن أسف أن المتوفى وائل شلبي لم يرع لمجلسه حرمة ولا لوظيفته احتراما، إذ واعد المتهمة الثانية أن تلتقيه بمكتبه بمقر مجلس الدولة بالعباسية، وأن المتوفى وائل شلبي في ذلك مضيع أمانته، فأزال الله عنه نعمته فخسر دنياه وحياته
تعليقات
إرسال تعليق